الثلاثاء، 22 أبريل 2008

التناقض

أن التناقض موضوع طويل وشائك ومعقد ، ومع ذلك فهو في مقدمة المواضيع الفكرية التحليلية، و عناصره تحيط بنا من كل جهة وهي موجودة في الطبيعة الكونية وفي طبائع الكائنات الحية والجامدة ، ومنها البشرية ، ونحن نلمسها ونراها ونعيش معها، وما يهمني من هذا الموضوع هي: المعتقدات التي بنيت على التناقض ، فهناك علماء وحكماء بنو أرائهم الفلسفية والدينية على أساس هذا الموضوع .الخير والشر وجهان متناقضانلاشك بأن الكون مليء بالمتناقضات كذالك هي: مسيرة الحياة البشرية وهي مليئة بالإعمال والتصرفات المتناقضة ، وأصبحت هذه الأمور من البديهيات التي أعتدنا عليها إن شئنا أم أبينا.هناك بعض الحكماء والفلاسفة نسبوا الخير إلى أحد الالهة ، ونسبوا الشر إلى إ له اخر ، هذه مسائل فكرية إعتقادية في غاية التعقيد والأهمية ، خاصة نحن نجهل مقاييسهم التي قاسوا بها الخير والشر والحكمة تقول " لا وجود للخير ولا للشر من دون وجود الإنسان"، والحقيقة لا يوجد شيء أسمه خير أو شر من دون أن يقاس بمقياس بشري، سواء على مستوى البشر ككل أو كمجموعة افراد أو كفرد واحد ، لأن البشر هو الكائن الوحيد الذي يعرف ماهو الشر ماهو الخير.يقول المنتفع: "جاءني الخير"، والمتضرر يقول: "جاءني الشر"، ومع ذلك يحدث تداخلات بين الشر والخير أو بين المنافع والأضرار ، الخير عند طرف ما قد يكون شر عند طرف اخر وبالعكس ، والمثل يقول:" عسى أن تحبون شيئا فهو شر لكم وعسى أن تكرهون شيئا فهو خير لكم".لا أنكر بأن هنالك أمور ضارة وأمور نافعة تمس البشرية جمعاء، مع ذلك فهي أمور نسبية غير مطلقة. أن الكوارث والحروب شر يمس الجميع مع ذلك هناك أطراف يستثمرونها لمصالحهم ، فإذا كانت الحروب من عمل الأشرار وهي مقصودة وموجهة ضد بعض الإطراف الاخرى، ولكن الكوارث عمل الطبيعة وهي غير مقصودة وغير موجهة ضد البشرية ، ويمكننا أن نعتبر الكوارث كالعواصف والبراكين إنذارات لكي يتجنبها البشر ، ولكن الإنسان لا يتعلم منها الدروس والعبر، رغم الخسائر المادية و البشرية ، ومع ذالك يصر الإنسان التشبث بتلك المناطق متحديا سيادة الطبيعة. إله الخير وإله الشرالاعتقاد باله الخير إلى جانب إله الشر هو الإشراك بعينه ومع ذلك لا ينفيه مبدأ التناقض ، ومن أبرز دعاة هذا المذهب هو الحكيم زرادشت صاحب نظرية المثنوية فهو الذي آمن بوجود إلهين أحدهم للخير وهو ( هورامزدا ) والأخر للشر وهو ( أهرمان ) فيقول زرادشت :" بأنهما يتصارعان كما يتصارع النور والظلام وهو صراع أزلي ابدي" .أتساءل فيما إذا كان صراعهما هو من أجل السيادة الكونية أوالسيادة على البشرية ؟ لو كان الإله هورامزدا خالق الكون والبشرية لما نافسه الإله أهريمان أو بالعكس، ولكن زرادشت يعلم جيدا بأن كلاهما غير خالقين ،وأنهما شقيقان حسب المعتقدات القديمة التي سبقت ظهوره ، وأنهما أبناء ألإله الكبير أزورا وهو الذي خلق الزمن و الكون والبشرية وكان يحمل ولديه داخل بطنه وكان قد قرر أن يتناوب ولديه دفة الكون ورعاية البشر ويكون التناوب بعد كل ثلاثة ألاف سنة ، ولكن أهريمان خاف أن يخرج شقيقه قبله ويستلم دفة العالم ، لذلك عمل فتحة في بطن أبيه وخرج منها إلى الوجود ، بذلك أستحق غضب أبيه ونال لقب أهريمان الشقي والشرير ، وأستحق شقيقه لقب هورامزدا الوديع الخير وأستخدمهما زرادشت في معتقده المثنوي الجديد ، ومع ذلك لا نجد بين تعاليم زرادشت ما يشير إلى أن الإله أهريمان كان يريد أن يدمر الكون والبشرية، بينما تؤكد تلك المصادر بأن الإلهين يتصارعان من أجل كسب المزيد من الأتباع ، لكي يقدموا لهما الولاء والعبادة ، وكلاهما أزليان فلا غالب ولا مغلوب ، بينما المنطق يقول: "بأن سيادة الكون لخالق الكون وسيادة البشرية لخالق البشرية" .حكم الفرس زهاء إلف سنة تحت شعار الزرادشتية بالفتوحات العسكرية. غريب أمر القوي !!! دولة مثنوية تقاتل شعب موحد بتهمة المثنوية .الصق الفرس تهمة المثنوية بالأيزيدية زورا وظلما وذات الشيء بالنسبة للديانات التي ظهرت فيما بعد ، وما يؤسفني أن أجد ردود فعل على التهمة في هذه الأيام لدى بعض الكتبة من أبناء الأيزيدية من الذين لا يبصرون الفخاخ المنصوبة لهم ، فيدافعون عن المثنوية بافتخار ولا يقدرون مخاطرها ومساؤها دينيا ونفسيا، والمثنوية لا تمت إليهم بأي صلة . إله واحد خالق واحدظهرت الديانة الأيزيدية بين الشعوب الآرية قبل الميلاد بمئات السنين، وهي من الديانات الأولى التي رفعت شعار عبادة الإله الواحد(ئيك خودي) حر طليق اليد لا شريك له ولا منافس ولا نقيض ، وكانت النتيجة أن يتلقى أصحاب هذه الديانة الضربات الماحقة ذات الصبغة الأبادية من قبل أصحاب هذه الديانات التي أوجدت لله منافس، سواء كان هذا المنافس إله أو ملاك، و أستطاع أصحاب هذه الديانات أن يمرروا أرادتهم على أصحاب الديانات الأخرى لامتلاكهم القوة والسلاح إلى جانب الدعم والتأيد والكثرة.علما بأن النبي إبراهيم نقل التوحيد من العراق إلى الشعوب السامية في الجزيرة العربية فظهرت فيها هذه الديانات وهي: اليهودية والمسيحية والإسلامية.حرّف أصحاب هذه الديانات رسالة النبي إبراهيم السلميّة باستخدام العنف والسيف ، كما هو معروف .لم يستطيع أصحاب هذه الديانات تثبيت مبادئ ديانتهم من دون إخافة العباد من وجود منافس لله ينافسه بإغواء عباده لكي يسوقهم إلى آتون الجحيم. لذلك أوجدت رسالات هذه الديانات الثلاث منافسا لله تعالى وهو ( الإبليس ) وكأن الجحيم مخلوق خصيصا له ولمن يتبعه من الديانات الأخرى، وحسب معرفتي بالرسالة الإسلامية، بأن الدين عند الله هو الإسلام،معنى ذلك أن المسلم هو لوحده على دين الله ، وحسب معرفتي أيضا بأنه لاسلطان لإبليس على المؤمنين بالله، وهذا يعني لا سلطان لإبليس على المسلمين، وإزاء هذه الحقيقة أتسأل: لماذا يتخوف المسلمون من الإبليس فيتعوذون منه ويشتموه ويلعنوه ؟ وحسب معرفتي من الرسالة الإسلامية أنه لا شأن لإبليس بالمؤمنين فهو يذهب إلى الساحة البشرية يبحث عن أناس من ذوي القلوب الخاوية من الإيمان بالله لكي يغويهم ويكرمهم على طريقته الخاصة، وما الضرر من هذا ما دام لا سلطان له ولا لجماعته على المسلمين؟وحسب معرفتي بالرسالة الإسلامية أيضا، بأن الله يدعو الناس غير المؤمنين إلى الإيمان به، حتى لو كانوا من جماعة إبليس، وحسب معرفتي بالإسلام ايضا بأن إبليس ميئوس من رحمة الله ، لذلك فهو يجاهد بالطاعة لكي ينال العفو والغفران من ربه العزيز، وعلى هذا الأساس هو يسحب الكفار من ساحة المسلمين، إبليس وعد ربه على كسب الكفار ، وانا لا أعتقد بأن إبليس هو الذي أختار لنفسه أن يلعب هذا الدور وأنما فرضت عليه من قبل رسالة الأديان التي تسمى سماوية، وبناء على هذا التحليل لا أجد إبليس شريرا. غريب أمر هذه الدنيا فالذي يملك القوى وبيده السيف وله الغلبة والكثرة والدعم والتأيد يستطيع أن يمرر أمره على الناس ويجعل الأسود أبيض والأبيض أسود .ذكرنا بأ ن النبي إبراهيم نشر مبادئ دينه التوحيدي بين الأقوام السامية في الجزيرة العربية فلاقت ديانته ذات المصير الذي لقته الديانة الأيزيدية، فظهرت الديانة المسيحية التي لم تستطيع أن تؤمن بإله واحد وخالق واحد فشاركوا أبن الإنسان بالله، وهو السيد المسيح ، ومن ثم ظهرت الديانة ألاسلامية بقوة السيف وأصحابها لم يستطيعوا أن يؤمنوا بإله واحد ولا بخالق واحد من دون منافسة إبليس ، وأصبح هذا الأخير البعبع الذي يخيف كل من لا يدين بالإسلام وأن الرسالة الإسلامية تدفع المسلمين إلى أن يحملوا السيف ضد من يفضل إبليس على الله ، ولا زال هذا السيف يدق أعناق من يرفض اعتناق الإسلام والحبل على الجرار.كان على الإسلام إظهار شخصية كشخصية إبليس لكي يقوم بدور المنافسة والإغواءات على الساحة البشرية لأجل فرز المسلمين عن غيرهم و لكي تتحقق مقاصد الدين عند الله هو الإسلام .جاء في الرسالة الإسلامية بأن إبليس ملاك وجاء أيضا بأنه جني ومن قبيلة الجن رفعه الله لصلاحه إلى صفوف الملائكة وجاء بأنه سقط تحت التجربة وجاء أنه جني متعالي تكبر على سيدنا آدم .جعلت الرسالة الإسلامية من إبليس فلتر تصفية لعبور الإنسان اللا ديني إلى دين الله الذي هو الإسلام ، والمسلم هو الذي لاينفذ فيه إبليس والذي ينفذ فيه هو لإبليس، وعلى المثل القائل: مال الله لله ومال قيصر لقيصر (مال ابليس لابليس) ، ومهما كان لا يسلم المسلم من هذا الفلتر إلا بكلمة السر وكلمة السر هي: لا الله إلا الله محمد رسول الله، وأعوذ بالله من إبليس الرجيم وبضعة كلمات من اللعنات والشتائم الأخرى. الذات المتناقضهناك اراء تقول بأن لله وجهان وجه للخير و وجه للشر وبعبارة أخرى أنه رحيم وأنه شديد الغضب، معنى ذلك هناك من يجعله رحيما أو أن يجعله غاضبا ، تفسيري لهذه المعادلة، هو أن الله ليس رحيما وليس غاضبا من دون وجود الإنسان وهذا يفسر بأن الله ليس ذاتا متناقضا وأنما هو ذات خالق المتناقضات وبالنسبة لإبليس قد يتناقض مع الله لأنه مخلوق حاله حال الإنسان ، ولكن المصادر الإسلامية تقول: أنه لا يوجد موقع في الأرض والسماوات لم يسجد فيها إبليس لله تعالى ، اتسائل: كيف يمكن لكائن كإبليس أن يكرس كل حياته في عبادة الله ومن ثم ينقلب عليه ؟ هذا ممكن من وجهة نظر بني آدم ، أم ان يواصل إبليس او الإنسان العبادة والتزهد لله تعالى ويتمرد عليه في آن واحد، هذا غير ممكن بل مستحيل . في هذه الحالة لايمكن أن يكون أحد أوجه إبليس خيرا و وجهه الأخر شرا وهذا يعني بأن إبليس ليس متناقضا هو الآخر مع ذاته ، وهذا ينطبق على الإنسان أيضا فالزاهد التقي الذي يواصل الولاء لله لا وقت لديه أن يشغل نفسه بأمور أخرى، لأنه لا يمكن له أن يكون عابدا زاهدا وشقيا في آن واحد ، ولكن الإنسان العادي الذي يمارس الشر هو متناقض مع ذاته لأن الإنسان ليس شريرا في ذاته وليس خيرا في ذاته أيضا، معنى ذلك أن الإنسان متناقض في ذاته ويمكنه أن ينصرف كليا للخير أو للشر أو أن يمارس كلاهما بنسب متباينة.وإذا كان لا بد لله أن يعاقب طرفا فهو يعاقب الإنسان فقط ولا أضن أنه يعاقب إبليس، ماذا يعاقب منه فهو مخلوق ناري حسب معرفتي من القرآن الكريم فلا يؤثر عليه نار الجحيم ، لأن النار لا يحرق النار ولا أضن أن الله خلق إبليس لكي يعاقبه ولن يعاقبه .تقول المصادر الأيزيدية الدينية بأن الله خلق داران هما : الجنة والجحيم لبني البشر فقط.

هناك تعليق واحد:

emanalseed1 يقول...

تحياتي للغالي ابو أزاد ارجو مراسلتي على العنوان التالي / emanalseed@yahoo.com اخوك بشير
ناحية وانة /الموصل